الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حدث معي موقف وبدأت أشعر أنني أُصيب الآخرين بالعين!

السؤال

السلام عليكم

حدث معي موقف، وبدأت أشعر أنني أُصيب الآخرين بالعين دون قصد، حيث رأيت أصابع صديقتي، وبدأت أضحك، فقلت لها: شكلها يضحكني، لماذا تبدو هكذا؟ ولم أُعجَب بها أبدًا حتى أُصيبها بالعين، ولكن بعد ذلك بساعتين انكسر إصبعان من أصابعها.

في اليوم التالي، كنت أمزح مع صديقتي الأخرى، فقلت لها: أنتِ أيضًا أصابعكِ شكلها مضحك، والآن ستنكسر مثل أصابع صديقتنا، وبدأنا نضحك، لأني كنت أمزح فقط، وفجأة، أخبرتني أن أصابعها انكسرت!

أنا حقًّا لم أُعجب بأصابعهنّ، بل كنت أمزح وألهو، وأنا أحبهما كثيرًا، ومن المستحيل أن أقصد ذلك، أو أن أغار من شيء عندهما، فهل أنا أُصيب الآخرين بالعين؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شهد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك -أختنا الكريمة- في موقع إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدّر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

لا شك أن العين حق، وأن الحسد أمر واقع لا ريب فيه، وقد دلّ على ذلك قول الله تعالى: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ، وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ، وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ، وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ)، وقال النبي ﷺ: "إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو أخيه ما يعجبه، فليدعُ له بالبركة، فإن العين حق".

وقال ابن القيم -رحمه الله- في زاد المعاد: "عقلاء الأمم على اختلاف مللهم ونحلهم لا يدفعون أمر العين، ولا ينكرونه، وإن اختلفوا في سببه وجهة تأثيره".

أما الواقعة التي حدثت معك -خاصة الأولى- فقد تُشير إلى تأثير العين، وأما الثانية فقد تكون أمرًا طبيعيًا، أو قد تكون كذلك من باب العين؛ ولذا نوصيك بما يلي:

التبريك والدعاء بالبركة كلما رأيتِ ما يُعجبكِ، فقد جاء في مسند أحمد عن سهل بن حنيف أن عامر بن ربيعة نظر إليه وهو يغتسل فقال: "ما رأيت كاليوم، ولا جلد مخبأة"، فلبط سهل -أصيب-، فدُعي النبي ﷺ وقال: "علامَ يقتل أحدكم أخاه؟! هلاّ إذا رأيت ما يعجبك برّكت!".

المداومة على الأذكار اليومية والاستعاذات، فالأذكار حصنٌ حصين، والاستعاذة تصرف شرّ الشيطان والعيْن.

عوّدي لسانك على قول: "ما شاء الله، تبارك الله" و "اللهم بارك له" إذا رأيتِ شيئًا يعجبك، قال النبي ﷺ: "من أنعم الله عليه نعمة من أهل أو مال أو ولد، فقال: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، لم يرَ فيه آفة حتى الموت".

إن التزمتِ بالتبريك والأذكار ثم وقع ضرر، فلا تُلقي اللوم على نفسك، فهذا من قدر الله، وقد وافق كلامك القدر، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (لو كان شيء سابق القدر لسبقته العين)؛ لذا ما حدث قدر ولا ذنب لك فيه. قال ابن كثير: "قال بعض السلف: من أعجبه شيء من ماله أو ولده فليقل: ما شاء الله لا قوة إلا بالله".

أكثري من الصلاة على النبي ﷺ، فهي من أسباب تفريج الهموم وتيسير الأمور، وقد جاء في الحديث: "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجًا، ومن كل همّ فرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب"، وقال لمن سأله عن تخصيص صلاته عليه ﷺ: "إذن تُكفى همّك ويُغفر لك ذنبك".

حافظي على الصلاة في وقتها، والأذكار، وتلاوة القرآن، فذلك يجلب الطمأنينة والسكينة، قال تعالى: "مَن عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينّه حياةً طيبة".

نسأل الله أن يحفظك ويرعاك، وأن يشرح صدرك، ويجعل لك من كل ضيق مخرجًا، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً