السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا عزباء -والحمد لله- موظفة، وأنفق على والديّ دون تقصير، كنت أمتلك سيارة، وقلت لوالديّ: سأترك لكم هذه السيارة لتنتفعوا منها، وسأشتري أخرى جديدة تعينني على بُعد المسافة بين المنزل والعمل، لكن والدي أرادني أن أتحمل نفقات السيارة التي أعطيتهم إياها، من بنزين وصيانة وترخيص، الأمر الذي يُرهقني ماديًا، فلا طاقة لي بتحمُّل عبء سيارتين، وحين رفضت ذلك، أصرّ على بيعها حتى لا يضطر للإنفاق عليها من ماله.
وافقت على بيعها، وقلت له: نعم، نبيعها، لكن سيارتي الجديدة لن أجعلها مشاعًا لبيت العائلة، ولا لاستعمالك أو استعمال إخوتي، والسبب أن هذه السيارة وسيلتي للاستعانة بها على عملي بعد الله.
لدي ثلاثة إخوة متزوجون، يعيشون في منازل فوق منزلنا، ومنهم من يستطيع شراء سيارة، لكنهم جميعاً يعتمدون عليّ وحدي في الإنفاق على بيت العائلة، وعلى العلاج، دون أن يُساهموا بأي مصروف شهري قطّ.
أقول لنفسي دائمًا: هذا اصطفاء من الله لي، لكني بدأت أشعر بأنني أُستغَلّ، حتى من والديّ، وهذا شعور سيئ جدًا.
أنا الآن في الأربعين من عمري، وأعمل منذ ثمانية عشر عامًا، وما زلت على هذا الحال، لم أقصّر مع والديّ قط؛ فقد أخذتهما إلى العمرة على نفقتي ستّ مرات، وأقوم بالعقيقة عنهما، وجلب الهدايا، وذبح الأضاحي، لا أذكر هذا منًّا أو أذًى، فأنا شخص مجهول لكم، وكل ما أحتاجه هو التوجيه للصواب.
سؤالي الآن: هل أنا عاقّة لعدم سماحي لوالدي باستخدام سيارتي الجديدة؟ علمًا أنه ارتكب حادثين بسيارتي السابقة، ولم يتكفّل بإصلاحها، وكان يُهملها ولا يعتني بها، وهذا كان يُؤلمني كثيرًا، وهو صار اليوم بعد بيعه لقطعة من الأرض يملك المال، ومع ذلك لا يزال الإنفاق يقع عليّ كما كان، دون تقصير مني، وفي كل مرة يقول إنه سيشتري سيارة لحاجة البيت.
أنا أشعر بتأنيب الضمير، لأني أرفض أن يستخدم سيارتي في قضاء الحوائج أو الزيارات، كما كان معتادًا في العيدين، والله يشهد بأني إذا علمت أنه اشتهى شيئًا، بادرت لشرائه دون بُخل، لكنني أرفض تمامًا أن يستعمل سيارتي، وهنا منشأ تأنيب الضمير، إذ أشعر أن هذا يُنقص من أجر البرّ.
عند ذهابنا إلى الحج هذا العام، كان والدي يملك المال، فدفع عن نفسه وعن والدتي، وقلت له إنني أتكفّل بتكاليفي، ولكن، حين احتجت لشراء خط هاتف، ذهب مع جارٍ له لشرائه، ولم يدفع ثمنه عني، بل أخبرني الجار بذلك، فأعطيته المبلغ، وشعرت حينها وكأنني تلقيت طعنة في صدري، وبكيت.
منذ ذلك الحين، أشعر بفتور في محبتي لوالدي، وأجاهد نفسي في تحرّي رضاه، ولم تكن هذه أول مرة يتنصل فيها عن دفع المال عني، فهل أنا عاقّة؟