الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حالة من الخجل مع مخاوف مصحوبة بعدم الثقة بالنفس.. أفيدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا الشاب الأكبر بين إخوتي، وأعيش حياة عائلية مستقرة، وأنا أعزب، ووضعنا الاقتصادي -بحمد الله- يتراوح بين المتوسط إلى الجيد جدًا، لا أعاني من أي أمراض مزمنة، ولا أدمن على التدخين، أو المخدرات، أو حتى المنبهات كالقهوة، أشعر بالرضا الكبير عن شكلي الخارجي، وأحظى بإعجاب من حولي من حيث الشخصية والمظهر.

بدأت معي حالة الخجل منذ فترة، لكنها تظهر بشكل متقطع وتعتمد على طبيعة الموقف، لا أستطيع تحديد سبب واضح لهذه المشكلة، لكن ربما يكون الضيق النفسي أحد العوامل، قبل النوم لا أفكر في شيء محدد، وإنما تتنوع الأفكار تبعًا للمزاج، أقيّم نفسي كشخص عصبي أحيانًا، مرح وهادئ في الظاهر، لكنني أشعر باحتراق داخلي، وأحرص دومًا على عدم إيذاء الآخرين أو احتقارهم، بطبعي طيب وأحب المساعدة ولا أرفض طلبًا.

زرت طبيبًا نفسيًا مؤخرًا منذ أسبوعين، وأتمنى من خلال عرض استشارتي أن يرزقني الله الخير، وأن أجد توجيهًا نافعًا يساعدني على التحسن والاستقرار النفسي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ... حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبداية: نشكر لك تواصلك مع إسلام ويب، ونشكر لك البداية التعريفية الطيبة التي بدأت بها رسالتك، وهذه بالطبع مفيدة جدّاً، ونحن في الطب النفسي وفي الصحة النفسية حين نناظر الحالات ونقوم بفحصها، دائمًا نسأل عن هذه المعلومات.

أخي الكريم: لقد اطلعت على كل ما ذكرته في رسالتك، وأنا أقول لك أن الذي بك -إن شاء الله- هو بسيط جدًّا.

أنت بالفعل لديك شخصية قلقة، وهذا القلق ترتبت عليه وساوس وكذلك مخاوف، وهذا ليس بالمستغرب؛ لأن الوساوس والمخاوف بجميع أنواعها هي جزئيات من القلق النفسي، والقلق النفسي كما تعرف هو طاقة إيجابية جدًّا، ولكنه ربما يتحول إلى طاقة سلبية إذا كثر أو خرج عن مساره الصحيح.

الذي أريده منك هو أن تبني فكرًا إيجابيًا عن نفسك، هذا مهم جدًّا، الأفكار القلقية قد تكون مشوهة جدًّا في بعض الأحيان وتتضخم وتتجسد وتحدث مبالغة في حجمها، وتجعل الإنسان يكون سلبيًا في تفكيره وتهتز ثقته في نفسه، وهذا يُعالج عن طريق الاستبصار الذاتي، بأن يجلس الإنسان مع نفسه ولا يستسلم لهذه الأفكار، يحاور ويناقش النفس، وبعد ذلك يضع الأمور في قالبها الصحيح ويخضعها للمنطق، وفي نهاية الأمر -إن شاء الله- سوف تصل إلى قناعات تامة بسخافة هذه الأفكار، ويجب أن تحقر ولا تشغلك.

أخي الكريم: العلاج الأساسي وهو بالطبع يعتمد عليك لدرجة كبيرة، و-الحمد لله- الطريقة التي عرضت بها رسالتك تدل دليل قاطع أنك -إن شاء الله- سوف تطبق هذا النوع من العلاج الذي يتطلب التركيز والقناعة بفائدته.

ثانيًا: هنالك وسائل أخرى يجب أن تجعلها جزءاً من حياتك:

1- إدارة الوقت بصورة صحيحة، كثير من الناس لا يدير وقته بصورة صحيحة، وهذا يعطي مجالًا كبيرًا جدًّا للقلق ليسيطر على الإنسان، هناك نشاطات كثيرة يمكن أن يقوم بها الإنسان، هناك واجبات كثيرة جدًّا الآن في الحياة، -فاستثمار الوقت بصورة صحيحة ومجدية وإيجابية يرفع من الدافعية النفسية، وهو من وسائل التأهيل الممتازة جدًّا.

2- محاولة التطور في عملك، وأنا لا أريدك أن تقول: إني عسكري وهذه الوظيفة محدودة، لا، يمكنك أن تطور من عملك، يمكنك أن تزيد من مهاراتك، أن تزيد من معلوماتك، وهذا كله أمر طيب.

3- توسيع الشبكة الاجتماعية، وذلك بأن تصاحب الخيرين من الناس، أن تكون حريصًا على الصلاة في المسجد، أن تصل أرحامك، أن تنضم لأنشطة ثقافية واجتماعية، وأعمال الخير والبر والإحسان، هذه كلها مؤهلات للنفس، أرجو أن تكون حريصًا عليها.

بالنسبة للأدوية، فالزانكس والإندرال الذي تناولته قبل ذلك هي أدوية جيدة لإزالة الأعراض القلقية، ولكنها قد لا تقتلع القلق والوساوس من أصلها، فلذا -يا أخي- مجموعة الأدوية التي تسمى بمثبطات استرجاع السيروتونين الانتقائية من وجهة نظري هي الأفضل في حالتك، وهنالك دواء يعرف تجاريًا باسم (زولفت ZOLOFT)، ويسمى أيضًا تجاريًا باسم (لسترال LUSTRAL)، ويسمى علميًا باسم (سيرترالين SERTRALINE)، من وجهة نظري سيكون دواءً جيدًا ومثاليًا في حالتك.

فيمكنك أن تستشير طبيبك النفسي حول هذا الدواء، أو إذا أردت أن تتحصل عليه وتبدأ في تناوله فهذا أيضًا أمر جيد، جرعته المطلوبة هي أن تبدأ بحبة واحدة في اليوم، تناولها ليلًا بعد الأكل، وبعد شهر ارفع هذه الجرعة إلى حبتين في اليوم، يمكن أن تتناولها كجرعة واحدة (100 مليجرام) ليلًا، أو تناولها بجرعة 50 مليجرامًا في الصباح وأخرى في المساء، واستمر على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى حبة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، ثم إلى حبة واحدة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذا الدواء من الأدوية الطيبة والجيدة والمفيدة وغير إدماني، وهنالك أدوية كثيرة مشابهة له، وأود أن أشكرك على رسالتك هذه، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً