الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقدمت لخطبة فتاة لكن أمها تتعنت في لوازم الزواج، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب متخرج من الكلية، وعندي شقة تبعد عن المدينة ب 2 كيلو متراً، أعجبت بفتاة وأحببتها، وهي أيضاً أحبتني، نويت الزواج، وأخبرت أهلي، وسألوا عن أهلها، والمشكلة أن والدة البنت هي التي لها الكلمة في البيت.

لما تواصلت معها قالت لي: نريد 150 ألف جنيه من الذهب، وشقة في المدينة، حتى ولو بالإيجار، بينما أنا استطاعتي 50 ألف جنيه من الذهب، ولا أحب الإيجار، وعندي شقة أملكها.

البنت جيدة جداً، -ما شاء الله- وتريدني، وأنا أريدها بالحلال، في رضا ربنا، وأهلي تركوا لي القرار حين عرفوا أني متمسك بالبنت، ونصحوني، وأنا أيضاً أنتظر نصيحتكم.

شكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وبعد:

نتفهم حديثك جيداً، ونحمد الله على تخرجك، وعلى وجود أساس يمكنك البناء عليه لزواج سعيد، -بعون الله-.

أولاً: اعلم أن من كتبها الله لك زوجة هي معلومة قبل أن يخلق الله السموات والأرض بخمسين ألف سنة، والله لا يقدر لعبده إلا الخير، فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، فكتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء).

ثانياً: نطمئنك كذلك أن قضاء الله هو الخير لك، وما قدره الله لك هو خير مما أردته لنفسك، فاطمئن وتذكر دائماً أن الله يختار لعبده الأصلح والأوفق له، بل علمنا القرآن أن العبد قد يتمنى الشر وهو لا يدري أن فيه هلكته، وقد يعترض على الخير ولا يعلم أن فيه نجاته، قال تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم)، فكن علي يقين بأن اختيار الله لك هو الأفضل دائماً، وهنا سيطمئن قلبك ويستريح.

ثالثاً: علمنا النبي صلى الله عليه وسلم، أن طرق الناس في الاختيار متعددة، وأن طريق الصلاح يبدأ من الدين فقال: (تنكح المرأة لأربع، لمالها ولحسبها ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك) فالمرأة المتدينة خير متاع الدنيا، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة)، ولا حرج أن يجمع الرجل بعد الدين المال أو الجمال أو الحسب أو الجميع، المهم أن يكون الدين أساساً وعمدة، أما الاختيار على غير تلك الأسس فعاقبته الخسارة، وأنت يجب أن تقف أمام نفسك لتجيب عن هذا السؤال: هل اخترت الفتاة لدينها أم لا؟

رابعاً: إذا كانت الفتاة صاحبة دين وخلق، واتخذت أمها هذا الموقف المتفهم في عصرنا، بل وغير المستغرب في ظل هذه الحياة المادية، فإننا ننصحك بما يلي:

1- إدخال بعض أهل الدين والخلق والحكمة، ليتحدثوا مع تلك الأم.
2- عدم إخبار أهلك أثناء المفاوضات بما يكون معها.
3- توضيح حالتك المادية بصورة واضحة، ولا ننصحك تحت أي ظرف أن تعدهم بما لا تقدر عليه.

4- أن تستخير الله تعالى، كما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم، يقول جابر رضي الله عنه: كان رسول الله يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كما يعلمنا السورة من القرآن، وكان يقول صلى الله عليه وسلم: (إذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ: (اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ -هنا تسمي حاجتك- خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ، فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ -هنا تسمي حاجتك- شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ ارْضِنِي بِهِ، وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ.

5- بعد أن تستخير الله دع الأمر يقضي إلى ما يريده الله، وثق بأن الخيرة -إن شاء الله- ترتقبك، فلو قدر الله لك هذه الفتاة زوجة، فاعلم أنه الخير لا محالة، وإن كان العكس فاعلم أنه الخير.

هذا ما ننصحك به، ونسأل الله أن يقضي لك الأمر على خير، وأن يرزقك الزوجة الصالحة الوفية إنه جواد كريم، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً