الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صديقتي انتقدت نحافة خطيبي فغيرت مشاعري تجاهه!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة مخطوبة لشاب، وعندما قبلت به، كنت قد أعجبت به من حيث الشكل والتفكير والخلق والشخصية، جلسنا معًا أكثر من مرة، وكلما التقيت به، كان ميلي تجاهه يزداد، إلى أن أخبرتني صديقتي ذات مرة أنه رجل غير جميل، وشديد النحافة، ومنذ ذلك الحين، لم أعد أستطيع أن أراه إلا وأنا أركز على هذه الصفة، وأدقق في سلبياته عمومًا، والتي لم تكن تشكل بالنسبة لي أي مشكلة.

الآن أصبحت أدقق في هذه الأشياء، حتى شعره وجسمه وغير ذلك من التفاهات، وأنا أعلم أنها تفاهات، لكن تركيزي صار منصبًا عليها، وأشعر أحيانًا بالخجل منه، وحينما أفكر أن أحدًا سيعلق على هذه الصفة، أشعر بعدم الراحة.

بدأ مشاعري تتغير تجاهه، أحيانًا أشعر أني أحبه وأرغب في الزواج منه، وأحيانًا أخاف أن لا يعجبني، أو ألا يكون قادرًا على تلبية احتياجاتي الخاصة، علمًا أنه يحبني كثيرًا ويحترمني، ويمتلك كل الصفات التي كنت أتمناها في زوج المستقبل، ما زلت مخطوبة له، لكنني بين فترة وأخرى أشعر بزيادة رغبتي في البقاء معه، وأشعر بأنه سيكون بيننا مودة ورحمة بعد زواجنا، لكن هذا التخبط والتغير في المشاعر أصبح مقلقًا بالنسبة لي، ولم أعد أشعر بارتياح وسعادة 100% كما كنت في السابق.

باقي على زواجنا ثلاثة أشهر، وما زلت أشعر أنني أرغب في إتمام هذا الزواج، لكنني كثيرة القلق والتفكير في ما إذا كانت عفتي ستبقى مع هذا الشخص، أم أنني سأشعر بنقص معين، ولن أتمتع بحياة جنسية رائعة.

كيف أستعيد مشاعري ورغبتي تجاهه كما كانت؟ أكره تعليق صديقتي، وربما أشعر بالضيق منها؛ لأنها كانت السبب في إفساد فرحتي بدون أي سبب، وعلى أشياء لم تكن تمثل لي أي مشكلة، بل بالعكس كنت أشعر معه بالسعادة الشديدة.

لم يتغير أبدًا، وما زال حنونًا وصادقًا في حبه ولطيفًا، ولكن أنا من تغير إحساسي، وفرحتي به.

ماذا أفعل لأحافظ على هذه العلاقة الجميلة؟ فأنا ما زلت أشعر أنني أحبه، كما أني أرغب في باقي الصفات التي يمتلكها، كتحمله للمسئولية، وصبره وأخلاقه، وكيف أزيد من جماله بنظري، ولا أهتم لرأي أحد فيه؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك حُسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يُعينك على إكمال المشوار مع هذا الشاب الذي يمتلك صفاتٍ عاليةٍ ومؤهلاتٍ كبيرة، ولا تلتفتي لكلام الصديقة أو غيرها، فإنك تنظرين بعينيك، والارتياح والانشراح والقبول الذي حصل في البداية واستمر و-لله الحمد-؛ هو الأصل الذي نبني عليه، واعلمي أننا رجالًا ونساءً بشر، والنقص يُطاردنا، فلا يمكن أن تجد الفتاة شابًا بلا نقائص ولا عيوب، ولا يمكن للشاب أن يفوز بفتاة بلا نقائص ولا عيوب، ولكن هذا النقص المذكور لا عبرة به، ولا وزن له، والإنسان دائمًا ينبغي أن ينظر بعينه، ولولا اختلاف وجهات النظر لبارت السلع.

ما فعلته الصديقة لم يكن صوابًا، ولم يكن صحيحًا، بل لا يُوافق الأدب الحسن، أن يُعلِّق الإنسان مثل هذه التعليقات السلبية، وذاك أمرٌ يخصُّها، واعلمي أن المشكلة الآن ليست في النحافة، ولكن في ضدِّها، فكم من إنسان يتمنّى أن يكون رشيقًا في جسده، وهذه الأمور تتغيَّر بلا شك بعد الزواج، وبعد استكمال السعادة والاستقرار، تتغيّر كثير من الأمور وتزيد أوزان الأزواج والزوجات؛ لأن هذا له علاقة بسعادة الإنسان وارتياحه، وبلوغه إلى ما يريد، ومن أعظم ما يريده الإنسان ويسعد به أن يُكمل مشوار حياته، وأن يدخل إلى القفص الذهبي.

استمري في المشاعر الإيجابية، وتناسي كل ما ذكرتَه تلك الصديقة، التي تمنَّينا لو أنها لم تتكلَّم بمثل هذا الكلام، والإنسان ما ينبغي أن يبني قناعاته على كلام الآخرين أو ملاحظاتهم، بل ينبغي أن ننظر بأعيننا، ونختار لأنفسنا، لتكون لنا شخصياتنا.

أرجو طي هذا الأمر، وإذا ذكّرك الشيطان بهذه السلبية فتذكّري ما فيه من إيجابيات وحسنات، وقد أشرت إليها، وهي كثيرة، وأنت في مقام بناتنا، ونحن ننصح بناتنا بعدم التفريط في شاب يحمل المواصفات المذكورة؛ لأن هذه المواصفات غالية وعالية، ونادرة في هذا الزمان، فلا تُضيعي هذه الفرصة، واعلمي أن الحياة فرص، ولا تهتمّي بمثل هذه التعليقات السخيفة السالبة، التي تصدق من هنا وهناك، وابني قناعاتك على رؤيتك، وعلى القناعات الشخصية بالنسبة لك، واعرفي لهذا الذي خطبك ووجدت منه الوفاء، ووجدت منه الحب، ووجدت منه تحمُّل المسؤولية، اعرف له قدره، فهذه صفات -والله- غالية، احرصي عليها، ولا تلتفتي لمثل هذا الكلام السالب.

أكرر: إذا ذكّرك الشيطان بهذا الكلام السالب فتذكّري مباشرة ما عنده من الإيجابيات، وما فيه من الجوانب المشرقة، وهي كثيرة -الحمد لله-، وإذا بلغ الماء قُلْتين لم يحمل الخبث، من الذي تُرضى سجاياه كلّها، كفى المرء نُبلًا أن تُعدّ معايبه، فمن كرم الإنسان أن تكون النقائص فيه محدودة ومعدودة، وهذا هو الكمال الذي يمكن أن يصل إليه البشر، لأننا نحن البشر دائمًا النقص يُطاردنا.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقك للخير، وممَّا يُعينك على تحسين هذه النظرة: حشد ما فيه من إيجابيات، وكتابتها، وحمد الله تبارك وتعالى عليها، وشُكر الله تبارك وتعالى، ولا تهتمّي ولا تغتمّي، ولا تلتفتي لرأي أي أحد، وابني حياتك على قناعاتك الشخصية، ولك في ركعتي الاستخارة غُنية، ولك في استشارة من حولك من أهلك غنيمة، ونسأل الله تعالى أن يُسعدك ويوفقك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً