الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يحق لي متابعة الحديث مع فتاة لأجل الفضفضة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعمل على الإنترنت في مجال الترجمة، وأتعرف على العديد من زملاء العمل من كلا الجنسين، ومن بين من عملت معهم فتاة تكبرني في العمر قليلًا، ولكننا استمتعنا بالعمل معًا، وتقاربنا كأصدقاء، هي في دولة بعيدة عني تمامًا، ومن المستحيل أن نلتقي يومًا ما، فحالتنا المادية ضعيفة جدًا.

المهم أننا نتحدث ونعمل معًا منذ حوالي عامين، وحديثنا محترم وفي حدود المعقول كبالغين، كنا نعلم أن الأمر قد ينتهي بنا إلى أن نصبح عشاقًا مثلاً، لكن كلًا منا لا يرغب في ذلك، بالرغم من مشاعر الود التي بيننا، وذلك حتى لا نقع في الحرام، علاقتنا كانت أخوية في الحديث فقط، وقد قطعنا عهدًا أنه إذا ارتبط أحدنا في الواقع، فسنقطع العلاقة والتواصل فورًا.

السبب الذي يجعلنا نتحدث مع بعضنا هو حالتنا، فأنا يتيم ومعيل لعائلتي، ولست قادرًا على الزواج؛ بسبب وضعي المادي، وكثرة الهموم والضغوط، أرغب في الفضفضة لأرتاح قليلًا، وأحتاج إلى شخص يحفزني ويشجعني على الاستمرار بعزيمة في الدراسة والعمل، وليس لدي أحد مقرب لذلك أتحدث إليها، والفتاة تكلمني للسبب نفسه؛ وهو تخفيف هموم بعضنا البعض، فوضعها بين عائلتها سيء جدًا، بالإضافة إلى مسؤولياتها، ولذلك ترغب في شخص يمدها بالعزيمة ويخفف عنها، وهذا هو نوع الحديث الذي يدور بيننا، وكلانا على وعي وملتزمان بحدود الكلام.

استفساري: هل هناك بأس في ذلك في حالتنا هذه؟

آسف على الإطالة، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أخانا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

نشكرك على الوقوف عند حدود الله تعالى، والحرص على الابتعاد عن الوقوع فيما حرَّم الله تعالى عليك، وهذا من توفيق الله تعالى لك، ونسأل الله تعالى أن يزيدك هدًى وصلاحًا.

والكلام بين الرجل وبين المرأة الأجنبية عنه وإن كان في حدود المباح والحلال من الكلام؛ إلَّا أنه قد تكتنفه كثير من الأسباب التي تؤدي به إلى أن يجرَّ الإنسان للوقوع فيما حرَّم الله تعالى عليه، ولهذا أتت الشريعة الإسلامية بضوابط عديدة للكلام بين الرجل والمرأة، من هذه الضوابط: نهي المرأة أن تتكلّم بخضوع ولين مع الرجل الأجنبي، وقد قال الله تعالى مخاطبًا زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- وهنَّ أطهر النساء: {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض}.

ولذلك منع كثيرٌ من الفقهاء المرأة من أن تُسلّم على الرجل الأجنبي، أي تبتدئه بالسلام، وأفتوا بتحريم ذلك، كما أنهم كرهوا للرجل أن يبدأ المرأة الأجنبية بالسلام، والسلام بلا شك كلامٌ لا ريبةً فيه ولا محظور، ولكنّ الفقهاء يتخذون هذا الموقف؛ لأن هذا الكلام قد يجرَّ إلى ما وراءه من أنواع المحرمات.

لهذا نصيحتنا لك -أيها الحبيب-: أن تقطع هذه العلاقة بهذه الفتاة، لا سيما وأنكما لا ترغبان في الزواج ولا تقدران عليه لأسبابٍ كثيرة ذكرتها في استشارتك، فلا خير لك في الاستمرار بهذه المحادثات وهذا النوع من العلاقة، وما ذكرته من المصالح التي تُريد من خلال هذا الكلام الوصول إليها، يمكن أن تُحصّلها من خلال الكلام مع زملاء ناصحين وصادقين لك، يُشجّعونك على إكمال دراستك، ويُعينونك بما يفيدك من الآراء.

أمَّا هذه الفتاة فالكلام معها، وإن كان في أوله سليمًا، لكنك لا تدري ما العواقب، والشيطان حريص على إغواء الإنسان، وأعظم وسيلة يتخذها للإضلال وللإغواء المرأة، ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما تركتُ بعدي فتنة أضرَّ على الرجال من النساء".

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً